المِحرابُ السادس ..~العاشر من رمضان 1432هـ { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ
قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ
وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ( البقرة 258 )
عندما حآجّ الكافرُ إبراهيمَ في ربّه
توالت براهين الحق من سيدنا إبراهيم - عليه السلام -
حتى أحق الله الحق بكلماته فبهت الذي كفر ..
وعندما يداهمنا الشيطان بخواطر الكفر (!!)
فلتنتفض قلوبنا بحجة إبراهيم - عليه السلام -
وسيلهمنا الله من مشاعر التوحيد ما يُبهت الشيطان وكيده ..
{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } ( آل عمران 139 )
~~~~~~~~
{ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ
ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ
وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ
قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ( البقرة 259 )
دقق في أحوالنا نحن الجهلة !!
عندما يقوم أحدهم بضرب الأمثال لتوضيح رؤية يؤمن بها
ترانا متحلقون وأعيننا تتسابق لفصاحة ما جاء به !
والله سبحانه وتعالى يسوق إلينا الأمثال في كتابه العزيز
براهينُ قدرة ٍ ومعجزةُ بلاغة وفصاحة
ونمررها سريعًا حتى لا نكاد نفقه شيئًا مما ضربه الله لنا !!
كسحائب الصيف التي إن أمطرت ما أزهرت بالقيعان المجدبة {.. وقلوبنا أشدّ قحطًا (!!)
فأنّى لنا بالربيع إذا كنّا نطمع بأمطار صيفية !!
~~~~~~~~~
{ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ } ( البقرة 263 )
أنظر إلى النعمة بعينيّ محروم
وانظر إلى نفسك من نافذة الفقر
حينها ستعلم كم من جرح ينقشه المنّ في قلوب المحتاجين !!
وانظر إلى المعروف بعينيّ مكروب
ثم انظر إلى نفسك من نافذة الضراء
حينها ستعلم كم من قهر يحكه المنّ على قلوب المكروبين !!
وانظر إلى الإبتسامة بعيني مجروح
ثم انظر إلى نفسك من نافذة الشدّة
حينها ستعلم كم من ضيق يجرّه المنّ إلى قلوب الملتاعين !!
بل انظر إلى الإحسان بعينيّ والديك !! -وهو واجبٌ وليس صدقة -
ثم انظر إلى نفسك من نافذة والديك !!
لتعلم حينها كم من غبن يعصره المنّ في قلبيهما !!
فإن عجزنا أن لا نلحق صدقاتنا بمظاهر المنّ وهتافات الضجر والملل والتأفف
فلنقل خيرًا أو لنصمت .. ذلك خيرٌ من صدقةٍ يتبعها أذى ..!
~~~~~~~~~
{ يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } ( البقرة 269 )
عندما أرى أسراب النمل تسعى بالصيف باحثة عن مؤونة الشتاء
وأرى أمواجًا من البشر ينامون عن الآخرة سعيًا وراء شهواهم !!
يزداد يقيني أن الحكمة بيد الله يؤتيها من يشاء .
~~~~~~~~~
{ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ .... } ( البقرة 272 )
حينما تكون لَبِنةً من لبنات المجتمع الإسلامي الجاد
وحينما يكون قلبك هبة للباحثين عن القرار !!
تتخيّر الكفوف التي ستهبها هبتك ..
وتتفانى في تعليمها دروس الوفاء وعظم الأمانة
ترتجي أن تتتابع الكفوف التي تحمل قلبك حتى بعد موتك !!
لكنك تتفاجأ في آخر يوم والذي ستسّلم فيه شهادات إخلاصك بتخاذل هذه الكفوف
واحدة تلو الأخرى - إلا من رحم الله -
فالذي لا يتصوّر حدوث مثل هذا المشهد له تجده عند تعرّضه له
يتّهم إخلاصه وعلمه وعمله وجهده وقلبه بظلم وجور !!
فيتكاسل ويتضجر ويتوقف فيفتر ويطول فتوره حتى إذا ما ضاق ذرعًا بالسبل فقد ينتكس
ولستُ أجد خذلانًا أمر من خذلان الذين أبعدهم الله عن دروب رضوانه !!
فعليك يا من جنّدت قلبك على هذه الجبهة أن تتوقع الخذلان من البشر
ليزداد حسن ظنك برب البشر ., فـليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء .
.
.
.
هذا ما شاء الله أن يرتدّ صداه في الصفحات
بعضٌ من الوقت الذي استخلصته لنفسي في رمضان
وكم أسأل الله أن يسخر لهذه الحروف من ينتفع من صحيحها
ويسدد خلل سقيمها .. والله الموفق والمستعان
::~ هنــــــــــــــــــد ~::